خطبة الجمعة للدكتور محمد حرز : الصوم ومكارم الأخلاق
خطبة الجمعة القادمة بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 2 رمضان المبارك 1444هـ ، الموافق 24 مارس 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بصيغة word بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق ، للدكتور محمد حرز.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بصيغة pdf بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق، للدكتور محمد حرز.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق.
أولاً: رمضانُ مَوسمٌ كريمٌ وتجارة ٌرابحةٌ لن تبورَ.
ثانيــــاً : رمضانُ مدرسةُ الأخلاق.
ثالثًا وأخيرًا:البدارَ البدارَ قبل فواتِ الأوانِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 24 مارس 2023م بعنوان : الصوم ومكارم الأخلاق : كما يلي:
خطبةُ الجمعةِ القادمةِ: الصومُ ومكارمُ الأخلاقِ د. محمد حرز بتاريخ: 2 رمضان 1444هــ – 24 مارس 2023م
الحمدُ للهِ الذي فرضَ على عبادهِ الصيامَ.. وجعلَهُ مطهرًا لنفوسِهِم من الذنوبِ والآثامِ..
الحمدُ للهِ الذي خلقَ الشهورَ والأعوامَ.. والساعاتِ والأيامَ .. وفاوتَ بينها في الفضلِ والإكرامِ.. وربُّك يخلقُ ما يشاءُ ويختارُ ،الحمدُ للهِ القائلِ في محكمِ التنزيلِ ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ البقرة185،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وليُّ الصالحين وَأشهدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُهُ، خيرُ مَن صلَّى وصامَ، وبكَى من خشيةِ ربِّه حينَ قامَ .القائلُ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ)) ؛ فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِ المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ. أما بعدُ: فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوى العزيزِ الغفارِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران :102).
أيُّها السادةُ:))الصوم ومكارم الأخلاق)) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا
أولاً: رمضانُ مَوسمٌ كريمٌ وتجارة ٌرابحةٌ لن تبورَ.
ثانيــــاً : رمضانُ مدرسةُ الأخلاق.
ثالثًا وأخيرًا:البدارَ البدارَ قبل فواتِ الأوانِ.
أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن الصوم ومكارم الأخلاق ، وخاصةً ورمضان مدرسة الأخلاق ورمضانُ شهرُ الطاعاتِ والقرباتِ شهرُ الرحمةِ والتراحمِ شهرُ المغفرةِ والتغافرِ شهرُ الخيرِ والإحسانِ ، شهرُ الجودِ والإنفاقِ شهرٌ تزدادُ فيه الروحانياتُ الإيمانيةُ ، وتزدادُ فيه الأخلاقُ سموًا ورفعةً وجمالًا وبهاءً ،وخاصةً والصيامُ مدرسةٌ لتقويةِ الإيمانِ ومدرسةٌ للتربيةِ على كلِّ خلقٍ طيبٍ وجميلٍ .
خـلِّ الـذنوبَ صغيرَهَا *** وكبيرَهَا ذاكَ الـتُقَى
واصنع كماشٍ فوقَ أرضِ *** الشوكِ يحذرُ ما يَرى
لا تـحـقـرنَّ صـغيرةً ***إنَّ الجبالَ من الحصَى
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة
أولاً: رمضانُ مَوسمٌ كريمٌ وتجارة ٌرابحةٌ لن تبورَ.
أيها السادةُ: رمضانُ فرصةٌ عظيمةٌ، ومناسبةٌ كريمةٌ، تصفُو فيها النفوسُ، وتهفو إليها الأرواحُ، وتكثرُ فيها دواعي الخيرِ، تفتحُ فيه أبوابُ الجنانِ ، وتغلقُ فيه أبوابُ النيرانِ وتتنزلُ فيه الرحماتُ، وترفعُ فيه الدرجاتُ، وتغفرُ فيه الزلاتُ، وتحطُّ فيه الأوزارُ والخطيئاتُ، يجزلُ اللهُ فيه العطايَا والمواهبَ، ويفتحُ أبوابَ الخيرِ لكلِّ راغبٍ، ويعظمُ أسبابَ التوفيقِ لكلِّ طالبٍ، فللهِ الحمدُ والشكرُ على جزيلِ نعمائهِ، وترادفِ مننهِ وآلائهِ. لذا نادَى اللُه جلَّ وعلا على أهلِ الإيمانِ بنداءِ الكرامةِ في القرآنِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183] ، لماذا؟ ليشحذُوا هِمَمَهُم، ويُجمعُوا أمرَهُم، ويوحِّدوا صفَّهُم، ويُهيِّئُوا أنفسَهُم لأمرهِ سبحانهُ جلَّ شأنهُ ، يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ – رضي الله عنه -: إذا سمعتُم: يا أيها الذين آمنوا، فارْعِهَا سمعَك، فإنَّما هو خيرٌ يأمرُكَ اللهُ بهِ أو شرٌ ينهاكَ اللهُ عنه، نعم، هو خيرٌ يأمرُكَ اللهُ به، أو شرٌّ يَنهاك اللهَ عنه،. ورمضانُ يُنادِي إذا جاءَ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشرِّ أقصرْ. رمضانُ يُنادي: إذا جئتُ فتِّحتْ أبوابُ الجنةِ، فلم يُغلَقْ منها بابٌ، وغلِّقتْ أبوابُ النارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وصفِّدتْ الشياطين.ُ رمضانُ يُنادِي: رغمَ أنفُهُ مَن أدركنِي ولم يُغفرْ له.ُرمضانُ ينادِي: مَن صامنِي إيمانًا واحتسابًا غُفرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنبهِ. رمضانُ ينادي: مَن قامنيِ إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه.ِرمضانُ ينادِي: تعرَّضُوا لنفحاتِي؛ فلعلَّ أحدَكُم تصيبهُ نفحةٌ فلا يشقَى بعدهَا أبدًا. رمضانُ فرصةٌ للطائعينَ للاستزادةِ من العملِ الصالحِ، وفرصةٌ للمذنبينَ للتوبةِ والإنابةِ والعودةِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ، قالَ ابنُ رجبٍ – رحمه الله-: وكيف لا يُبشّرُ المؤمنُ بفتحِ أبوابِ الجنانِ؟ وكيف لا يُبشّرُ المذنبُ بغلقِ أبوابِ النيرانِ؟ وكيف لا يُبشّرُ العاقلُ بوقتٍ يُغلُّ فيه الشيطانُ، ومِن أين يشبهُ هذا الزمانُ زمانُ؟ ؟! يا لهَا مِن فرصٍ لا يُرحمُ فيها إلا مرحومٌ، ولا يحرمُهَا إلا محرومٌ! مَا أشبهَ الليلةُ بالبارحةِ .. هكذا الأيامُ تمرُّ سريعةً وكأنَّهَا لحظاتٌ.. استقبلنَا رمضانَ الماضيِ.. ثم ودعنَاهُ.. وما هي إِلّا أشهرٌ مرَّتْ كساعاتٍ.. فإذَا بنَا نستقبلُ شهرًا آخرَ.. وكمْ عرفنَا أقوامًا.. أدركُوا معنَا رمضانَ أعوامًا.. وهُم اليومَ مِن سكانِ القبورِ.. ينتظرونَ البعثَ والنشورَ.. وربَّمَا يكونُ رمضانُ هذا لبعضِنَا آخرَ رمضانَ يصومهُ ..إنَّ إدراكنَا لرمضانَ .. نعمةٌ ربانيةٌ .. ومنحةٌ إلهيةٌ ..فهو بشرَى .. تساقطتْ لهَا الدمعاتُ .. وانسكبتْ العبراتُ ..أقبلَ رمضانُ بفضائلهِ ، و فوائدهِ ، و نفحاتهِ …جاء رمضانُ بأنفاسهِ العطرةِ، ووجههِ المُشرقِ …جاء رمضانُ وهو يُنادِي : يا باغِيَ الخيرِ أقبلْ .. ويا باغيَ الشرِّ أقصرْ أقبلَ رمضانُ وهو يصرخُ محذرًا: خابَ وخسرَ مَنْ أدركَ رمضانَ ولم يُغفرْ لهُ، أقبلَ رمضانُ فتفتحتْ أبوابُ الجنانِ … وغُلقتْ أبوابُ النيرانِ، و سُلسلتْ الشياطينُ .. أقبلَ رمضانُ و المسلمونَ يتشوقونَ إلى صيامِ نهارهِ و قيامِ ليلهِ ..فيَا لهُ مِن شهرٍ عظيمٍ .. وموسمٍ كريمٍ .. و تجارةٍ رابحةٍ لن تبورَ ……… جاء رمضانُ فماذَا أنتُم فاعلون ؟
يا ذَا الذي ما كفاهُ الذنبُ في رجبٍ *** حتَّى عصَى ربَّهُ في شهرِ شعبانَ
لقد أظلَّكَ شهرُ الصومِ بعدهُمَا *** فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيانَ
واتلُ القُرَآنَ وسبحْ فيهِ مجتهدًا *** فإنَّه شهرُ تسبيحٍ وقرآنِ
كمْ كنتَ تعرفُ مِمَن صامَ في سَلَفٍ *** من بينِ أهلٍ وجيرانٍ وإخوانِ
أفناهمُ الموتُ واستبقاكَ بعدهمُ*** حَيًّا فما أقربَ القاصِي مِن الدانِي
أيُّها السادةُ: المؤمنُ يفرحُ بقدومِ شهرِ رمضانَ، والمنافقُ يتأذًّي كلَّ الأذَى بقدومِ شهرِ رمضانَ، لماذِا لأنَّ المؤمنَ الحقيقيَّ يفرحُ بمواسمِ الخيراتِ لأنَّ المؤمنَ الصادقَ لا يفرحُ بالمالِ ولا بالجاهِ ولا بالمنصبِ فحسب وإنَّما يفرحُ بفضلِ اللهِ، وهلْ هناكَ فضلٌ يفوقٌ فضلَ رمضان، قالَ جل وعلا{ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58
فرمضانُ شهرٌ عظيمٌ شهرٌ جعلَ اللهُ صيامَ نهارِهِ فريضةً وقيامَ ليلهِ تطوعًا، رمضانُ شهرٌ اختارُهُ اللهُ واصطفاهُ ليكونَ ميقاتًا لنزولِ كتبهِ ورسالاتهِ فعن وَاثِلَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الإِنْجِيلُ لِثَلاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ) فرمضان شهر القرآن
بل فرصةٌ في رمضانَ لتدخلَ في زمرةِ الأكابرِ مع النبيينَ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ وحسنُ أولئكَ رفيقًا، فعن عمرو بنِ مرةَ الجهنِي رضي اللهُ عنه قال جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقالَ يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ شهدتُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وأنَّك رسولُ اللهِ وصليتْ الصلواتِ الخمس، وأديتُ الزكاةَ وصمتُ رمضانَ وقمتُهُ فمِمَّن أنَا قالَ مِن الصديقينَ والشهداءِ) سبحانَ الملك، فرصةٌ ذهبيةٌ لتكونَ مِمن قالَ اللهُ في حقِّهِم (وحسنُ أولئكَ رفيقًا)
بل فرصةٌ في رمضانَ لتكفيرِ الذنوبِ والمعاصِي والآثامِ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) فرصٌ لا تعوضُ لتتطهرَ مِن ماضيكَ ولتبدأَ صفحةً جديدةً مع اللهِ.
بل كفي برمضانَ شرفًا وفضلًا أنَّهُ يشفعُ للعبدِ يومَ القيامةِ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ)) رواه أحمد قي مسنده
بل كفَي برمضانَ شرفًا وفضلًا أنَّه سببٌ مِن أسبابِ دخولِ جنةِ النعيمِ أسألُ اللهَ أنْ يجعلنِي وإياكُم مِن أهلِ النعيمِ فعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ)) رواه مسلم نعمْ.. كمْ مِن قلوبٍ تمنتْ.. ونفوسٍ حنتْ.. أنْ تبلغَ هذه الساعاتِ ..شهرٌ .. تتضاعفُ فيه الحسناتُ .. وتكفرُّ السيئاتُ ..وتُقالُ فيه العثراتُ .. وتُرفعُ الدرجاتُ ..تُفتحُ فيه الجنانُ .. وتُغلقُ النيرانُ .. وتُصفدُ فيه الشياطينُ ..فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ)) رواه البخاري
بل كفي برمضانَ شرفًا وفضلًا أنَّهُ لا يعلمُ ثوابَهُ إلا الملك، فعن أَبَى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)) متفق عليه
بل كفي برمضانَ شرفًا وفضلًا أنَّهُ شهرُ العتقِ مِن النارِ لقولِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ )) من النارِ نعمْ .. شهرُ رمضانَ ..هو شهرُ الخيرِ والبركاتِ .. والفتوحاتِ والانتصاراتِ .. فما عرفَ التاريخُ غزوةَ بدرٍ وحطين .. ولا فتحَ مكةَ والأندلس .. ولا السادسَ مِن أكتوبر إلَّا في رمضانَ ..فانتبهْ قبلَ فواتِ الأوانِ واغتنمْ هذه الفرصَ التي لا تعودُ لأنَّك لا تدرِي يا مسكينُ هل ستعيشُ إلى رمضانَ المقبلِ أم لا لأنَّك لا تدرِي إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة
ثانيــــاً : رمضانُ مدرسةُ الأخلاق.
أيها السادة: الصيامُ مدرسةٌ للتربيةِ على كلِّ خلقٍ طيبٍ وجميلٍ . أليسَ نبيُّ الإسلامِ صلَّى اللهُ عليه وسلم هو القائلُ كما في الصحيحين: « وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ». فالصيامُ مدرسةٌ تربويةٌ تُربِّي المُسلمَ على المبادِئِ الفُضلَى، والأخلاقِ العُظمَى، والمسالِك المُثلَى؛ لتُقيمَ مُجتمعًا إسلاميًّا راقيًا في أخلاقِه وسُلوكِه وتعامُلاتِه.فالمُسلمُ يجبُ أنْ يتربَّى على ضبطِ النفسِ، وعلى التحكُّم في أفعالِها؛ لتنأَى عن كلِّ خُلُقٍ رَذيلٍ، ومسلَكٍ مَشينٍ.فالصيامُ الحقيقيُّ يرقَى بصاحبهِ عن الفحشِ والسفهِ والطيشِ والعنفِ مع مَن يتعاملُ مِمن هو قريبٌ منه ويساكنهُ مِن الزوجةِ والأولادِ وسائرِ الأقاربِ، ومع إخوانهِ مِن المسلمين بل ومع الناسِ كافةً، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي النَّارِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ )) رواه أحمد. فالصيامُ ياسادةُ لم يشرعْ لمجردِ تركِ الأكلِ والشربِ والشهوةِ وإنَّما شرعَ مِن أجلِ تحقيقٍ تقوى اللهِ بتركِ الكذبِ والفحشِ والبذاءةِ وحفظِ اللسانِ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ، فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))لذا المفلسُ مَن صامَ وصلَّى وحجَّ واعتمرَ كما قال النبيُّ المختارُ صلَّى اللهُ عليه و سلم لكنَّه سيئُ الأخلاقِ كما في صحيحِ مسلمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمتى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))فيا أيُّها الصائمُ! تعلَّمْ مِن الصومِ حُسنَ الأخلاقِ، وجميلَ الطِّباعِ، ومحاسِنَ العاداتِ والسُّلوكِ، تفُزْ بعظيمِ الأجرِ مِن اللهِ – جلَّ وعلا- وبدخولِ جنة النعيمِ جعلنَا اللهُ وإياكُم من أهلِ النعيمِ لحديثِ أبى هريرةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ» أخرجه الترمذي ؛ وفي “سنن أبي داود” بسندٍ صحيحٍ: مِن حديثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ)))و لما سُئلَ النبيُّ أكملُ المؤمنين إيماناً ماذا قال ؟فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ) رواه أبو داود
فيا أيُّها الصائمُ! ليكُنْ هذا الشهرُ مُربِّيًا في نفوسِنَا في كلِّ الأزمانِ والأوقاتِ حُسنَ الطِّباعِ، وجميلَ الأخلاقِ، وطِيبَ التعامُلِ، مُمتثِلينَ وصيةَ النبيِّ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – في الحديثِ الصحيحِ – الذي رواه الترمذي -: «اتقِ الله حيثُما كنتَ، وأتبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ)) ورسولُنَا – صلَّى اللهُ عليه وسلم – مِن صفاتِهِ العظيمةِ في كلِّ وقتٍ وحينٍ: أنَّهُ لم يكنْ فاحِشًا ولا مُتفحِّشًا، وكيف لا؟ وهو القائلُ: «إنَّ خيارَكّم أحسنُكُم أخلاقًا». وكيف لا؟ وهو القائلُ كما في حديثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إلى وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَسَكَتَ الْقَوْمُ فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ الْقَوْمُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا) رواه أحمد فبتلكَ التوجيهاتِ يسعَدُ الأفرادُ، وتأمنُ المُجتمعاتُ، وتطمئنُّ النفوسُ. فلا غرْوَ؛ فحُسنُ الأخلاقِ قاعدةُ الأمنِ والأمانِ للمُجتمعاتِ، وسيِّئُهَا أصلُ الشُّرورِ والشقاءِ في المُجتمعِ.فسبحانَ مَن أرشدَنَا إلى جميلِ الأخلاقِ، وإلى محاسِنِ العاداتِ والسُّلوكِ، وأرسلَ نبيَّه – صلَّى اللهُ عليه وسلم – ليُتمِّمَ مكارِمَها، ويشرع محاسِنَها. قال اللهُ – جلَّ وعلا -: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم: 4 بل لقد أثنَي اللهُ تبارك وتعالى على نبيِّنَا صلَّى اللهّ عليه و سلم غايةَ الثناءِ , وغايةَ المدحِ فقالَ ربُّنَا ( فبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [سورة أل عمران(159) بل لقد سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ)) رواه أحمد وواللهِ ثم واللهِ ما غُيبَ المسلمون عن قيادةِ الأممِ وريادةِ الشعوبِ إلا بسببِ تخلِّيهم عن مكارمِ الأخلاقِ وبحثهِم وراء القيمِ الشرقيةِ تارةً والغربيةِ تارةً آُخري لتكونَ بديلًا عمَّا جاءَ به الإسلامُ .لذا نادي النبيُّ صلُّى اللهُ عليه و سلمَ قائلًا كما في حديثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ)رواه أبو داود وللهِ درُّ القائلِ
صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ*** فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ
وللهِ درُّ القائلِ
وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم
فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمــًـا وَعَـــــويــــلا.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة
ثالثًا وأخيرًا:البدارَ البدارَ قبل فواتِ الأوانِ.
أيها السادة:البدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوانِ باغتنامِ أيامِ الرحماتِ أيامِ النفحاتِ أيامِ العتقِ من النيرانِ بالطاعاتِ والقرباتِ وبحسنِ الأخلاقِ والإحسانِ إلى الناسِ في كلِّ مكانٍ .فالبدارَ البدارَ بالتوبةِ والعودةِ إلى علامِ الغيوبِ وستيرِ العيوبِ، فاللهُ كريمٌ يقبلُ توبةَ التائبين ، ويغفرُ ذنوبَ المستغفرين ..ويمحُو سيئاتِ النادمين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) [سورة التحريم (8) البدارَ البدارَ بالجُودِ والكرَمِ، فرسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – كان أجودَ الناسِ، “وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقاهُ جبريل فيعرِضُ عليه القرآن، فرسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – أجودُ بالخير من الرِّيحِ المُرسَلة((فكُن – أيها المسلمُ – جوادًا بالخيراتِ والطاعاتِ التي تُقرِّبُك إلى ربِّ الأرضِ والسماواتِ .. كُن جوادًا كريمًا مُحسِنًا في قولِك وفعلِك وسُلوكِك.. كُن مُحسِنًا بأنواعِ الإحسانِ القوليِّ والفعليِّ. وتذكَّرْ الفقراءَ والمساكينَ في هذه الأيامِ وفي تلكم الأزماتِ .. فلا تنسَوهُم بفضلِكّم وإحسانِكُم، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ: 39.ورسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلم – يقولُ كما في حديثِ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ثَلاَثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ ، قَالَ : فَأَمَّا الثَّلاَثُ الَّتِي أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ : فَإِنَّهُ مَا نَقَّصَ مَالَ عَبْدٍ صَدَقَةٌ ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ بِمَظْلَمَةٍ فَيَصْبِرُ عَلَيْهَا إِلاَّ زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا ، وَلاَ يَفْتَحُ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابَ فَقْرٍ)
فرمضانُ شهرُ الصدقاتِ شهرُ الزكواتِ وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ خاصةً في شهرِ النفحاتِ والرحماتِ سرورٌ تُدخلهُ على مسلمٍ أو تكشفُ عنه كربةً أو تقضي عنه دينًا أو تطردُ عنه جوعًا ، عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ رجلًا جاء إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فقال : يا رسولَ اللهِ أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا ، أو تَطرُدُ عنه جوعًا ، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا)) رواه الطبراني بسند حسن))وكيف لا ؟وأنَّ مِن أهمِّ سِماتِ المُجتمعاتِ الراقيةِ أنْ تكونَ مترابطةً، متماسكةً في بنيانِهَا، يشدُّ بعضُهَا بعضًا، وصدقَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ من حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) وفي صحيحِ البخاريِّ مسلمٍ مِنْ حديثِ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ) البدارَ البدارَ في التخلقِ بأخلاقِ سيدِ الرجالِ صلَّى اللهُ عليه وسلم فلقد اجتمعَ في النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلم خصالُ الخيرِ كلُّهَا مِن حياءٍ وشجاعةٍ وعفةٍ وكرامةٍ وحلمٍ وطهارةٍ وأدبٍ واحترامٍ وتواضعٍ وتسامحٍ وعفوٍ وكفِّ الأذىَ وتركِ الشتمِ والسبِّ وحفظِ اللسانِ عن السوءِ.لذا قالَ اللهُ مخاطبًا إياهُ { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)سورة القلم(4) بل لقد أثنَي اللهُ تباركَ وتعالى على نبيِّنَا صلَّى اللهُ عليه وسلم غايةَ الثناءِ , وغايةَ المدحِ فقالَ ربُّنَا ( بِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [سورة أل عمران (159)بل لقد سُئِلَتْ السيدةُ عَائِشَةُ رضى اللهُ عنها عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ ) رواه أحمد، بل قالتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ بِهَا ) رواه مالك في موطئهِ)وللهِ درُّ القائلِ
تشبهْ بالرجالِ ولو لم تكنْ مثلَهُم *** فإنَّ التشبهَ بالرجالِ فلاحُ
فما بالكُم بالتشبهِ بسيدِ الرجالِ صلَّى اللهُ عليه وسلم
البدارَ البدارَ بفتح صفحة جديدة مع الله جل وعلا قبل فوات الأوان
فيَا مَن كلمَا طالَ عمرُهُ، زادَ ذنبُهُ, يا مَن كلمَا أبيضَّ شعرُهُ ،أسودَّ بالآثامِ قلبُهُ .
شيخٌ كبيرٌ له ذنوبٌ **** تعجزُ عن حملهَا الجبالُ
قد بيضتْ شعرَهُ الليالي *** وسودتْ قلبَهُ الخطايا
فاتقِ اللهَ وراقبْ اللهَ في السرِّ والعلانيةِ، واعلمْ أنَّ اللهَ مطلعٌ عليكَ في كلِّ وقتٍ وحينٍ ،واعلمْ أنَّ طالبَ الجنةِ لا ينامُ وصدقَ مَن قالَ
عجبتُ من الجنةِ كيف ينامُ طالبُهِا **** وعجبتُ من النارِ كيف ينامّ هاربُهَا
نسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يتقبلَ منا صيامنَا وقيامنَا وصلاتنَا وزكاتنَا إنَّهُ ولىُّ ذلك ومولاه، حفظَ اللهُ مصرَمن كيدِ الكائدين، وشرِّ الفاسدين وحقدِ الحاقدين، ومكرِ الـماكرين، واعتداءِ الـمعتدين، وإرجافِ الـمُرجفين، وخيانةِ الخائنين.
كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه
د/ محمد حرز إمام بوزارة الأوقاف
_______________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف